جنة العصافير

جلس بجوارى يتفاخر و يحكى لى عن عظمة بلاده و حجم الانجازات الضخمة التى انجزت فى وقت قصير .. وان لاشئ فى الدنيا يأتى من فراغ و انما من فكر متطور و متفتح لا يتعارض مع العادات والاعراف العريقه للمجتمع القطرى وظل يسترسل وقال لى بأسى و شفقه بطريقه مهذبه مامعناه ان عصركم انتم يامصريين انتهى واصبحتم رعاع مهلهلين تعيشوا فى مساكن عشوائيه تتصارعوا تتصادموا تتعاركوا يومياً تهيموا على وجهكم من اجل كسب القليل من الرزق تحتشروا بالمئات داخل وسائل مواصلات متهالكه حتى خريجى الجامعات المصريه اصبح لدينا نحن اصغر دول العالم بديل عنهم خريجى الجامعات الامريكيه و الفرنسيه والانجليزيه العريقه وعمالتكم الماهره اصبحت حمل ثقيل بلا ضمير بلا حرفه بديلها الهندى و الباكستانى يعمل عندنا بلا صوت بلا شكوى غذير الانتاج حتى اهراماتكم الباليه واثاركم و اطلالكم عندنا بدل منها مبانى و ابراج شاهقه صممها اشهر مصممى العالم و اضاف ان بلاده صنعت كل هذا المجد دون ان تتنازل قطر عن ذره من عروبتها او تتخلى لثانيه واحده عن القوميه العربيه كما فعلنا نحن المصريين ليس هذا فقط بل اصبحت قطر منارة الاعلام العربى بصرحها العظيم قناة الجزيرة التى هى مفخرة العرب ولسانهم الفصيح الذى يوصل صوتهم الضعيف المبحوح الى العالم الاول رافعه لواء الديمقراطيه و الحرية.. ظل يسترسل ويسرد و يحكى و يتفاخر... شردت ...لاأعتقد ابداً انى سمعت على مر التاريخ ان احدهم مات فداء لقطر ولا سجُن او اعتقل او اغترب ولا حتى غنى لقطر لم اسمع عن استعمار لقطر او قضيه قطريه او زعيم قطرى او حتى راقصه قطرية فتحت فمى وكدت ارد على طريقه مذيعى القنوات الارضيه اللذجين بسرد اسماء واحداث و لكنى عدلت عن ذلك و عدت اليه من شرودى فوجدته يسرد لي مدى عظمة امير قطر ومدى تواصله مع ابناء شعبه فهو يستمع الى مشاكلهم ويحلها بعد ان يعلم بها من خلال برنامج اذاعى يذاع كل صباح قاضياً بذلك على البريقراطيه فى عقر دارها.. انهى حديثه معي بدعوة عمل وزيارة الى قطر .. فأخبرته من باب التهذب انه لمن دواعى سرورى
وبعد ثلاثه اشهر وصلنى منه تذكرة طائرة و تأشيرة دخول لقطر فاستجبت للدعوه.. وصلت الى مطار الدوحه فى وقت متأخر بعض الشئ غادرت الطائره و التقط اغراضى من على سير الحقائب و توجهت الى طريق الخروج لأرى الدوحه العظيمة على وصف صديقى اثناء ذلك صادفنى مصرف داخل المطار فتوجهت اليه لتغيير بعض العملة كى استطيع التعامل بها فى الدوحه الباسلة، تقدمت للموظف على نافذة المصرف بمائة دولار امريكى بعد الفحص و التدقيق مد لى يده بمجموعة من الريالات القطرى امسكت بها و تأملتها لعدة ثوانى و اصابتنى حالة من الذهول قلبت الريال القطرى على وجهيه و لم اجد عليه اى شئ مما قاله صديقى عن قطر او الدوحه لكنى وجدت عليه رسم لمجموعة من العصافير تذكرت فى هذه اللحظه جنيه مصر البنى برسومه وزخارفه الاسلاميه والفرعونيه مسجد السلطان قيتباى الكائن بمنشأه ناصر على وجه وعلى الأخر معبد ابو سمبل الذى تتعامد فيه الشمس مرتين على وجه رمسيس الثانى مره يوم تتويجه و اخرى يوم مولده والذى نقل بواسطة اليونسكو فى عصر عبد الناصر تجنباً لغرقه فى بحيرة ناصر الناتجة عن بناء السد العالى ورن فى اذنى صوت عبد الحليم قلنا هنبنى و ادينا بنينا السد العالى و تذكرت رواية صنع الله ابراهيم نجمة اغسطس عن بناء السد و الخبراء الروس و اصابع الديناميت و غيره و غيره..عدت بنظرى الى الريال القطرى و عدلت عن استغرابى فلم الاستغراب فمن ليس لديه الكرنك والدير البحرى ووادى الملوك من ليس لديه نجيب محفوظ و السادات من ليس لديه نوبل واحده من ليس لديه الحسين و السيده زينب والسيده عائشه من ليس لديه شيوعيين ويساريين و ناصريين و وفديين واخوان مسلمين و اقباط من ليس لديه ام كلثوم وعدويه من ليس لديه صلاح جاهين واحمد فؤاد نجم و الابنودى و محمد منير فليضع على عملته عصافير..
طويت الريالات القطريه وتوجهت الى باب الخروج مرسوم على و جهي ابتسامه عريضه غير مكترث بما سأراه اياً كان بالدوحه.. وكل شوق للعوده للقاهره.


دونت٢٠١٠

Comments

  1. عصفور ف اليد
    ولا عشرة ع الريال

    ReplyDelete
  2. عندك حق، من ليس لديه كل ذلك فليضع عصافير على ريالاته
    ليتنا نعلم حق قدرنا و نتصرف بما نحن اهل له
    و على رأي اللي قال:- بحبك وحشتيني ولو انتي مطلعة عيني ، بحبك موت

    ReplyDelete

Post a Comment

Popular posts from this blog

من مذكرات الرجل الاخضر

قطيع الماعز

رئة كبيرة